قبل عام 1800
عندما وصل الأوروبيّون لأول مرة إلى المنطقة التي تقع عليها تورونتو في الوقت الحاضر، كانت قبائل هورون التي حلت محل قبائل الإيروكواس التي عاشت هناك لقرون تسكن على مقربة من هؤلاء الأوروبيين. ومن المرجح أن اسم تورونتو أخذ من الكلمة الإيروكواسيّة تكارونتو التي تعني المكان الذي تقف فيه الأشجار على المياه إشارةً إلى الطرف الشمالي من ما يعرف الآن ببحيرة سيمكو حيث زرعت قبائل هورون أشتال أشجار هناك. كان مسار نقل البضائع بين بحيرة أونتاريو وبحيرة هرون يمر بهذه النقطة مما أدّى إلى انتشار الاسم.
أنشأ التجار الفرنسيون محطة تجارية عام 1750 أسموها فور روييه (بالفرنسية: Fort Rouillé) على الأرض الواقعة في الجزء الغربي من مدينة تورونتو المعاصرة، لكنّهم تخلوا عنها بحلول عام 1759. شهدت منطقة تورونتو خلال حرب الاستقلال الأمريكية تدفق المستوطنين البريطانيين والموالين للإمبراطورية البريطانية الفارّين ليستوطنوا الأراضي غير المأهولة الواقعة شمال بحيرة أونتاريو (تورونتو اليوم). وفي عام 1787، فاوض البريطانيون من أجل شراء تورونتو وهو ما حصل، مؤمّنين بذلك ربع مليون فدان من الأراضي (1000 كم مربع) من منطقة تورونتو.
في عام 1793، بني حاكم المنطقة المفوّض من قبل بريطانيا العظمى جون غريفز سيمكو مدينة يورك على الأراضي المستوطنة، وأطلق عليها هذا الاسم تيمناً بالأمير فريدريك دوق يورك وألباني، واختارها لتكون عاصمة كندا العليا بدلاً من مدينة نيوارك وذلك لإعتقاده أنها ستكون أقل عرضة للتعرض للهجوم من قبل الأمريكيين.
بين عامي 1800 – 1945
في عام 1813، كجزء من حرب 1812، انتهت معركة يورك بسيطرة القوات الأمريكية على المدينة ونهبها. عمد الجنود الأمريكيون إلى تدمير المدينة وأحرقوا مبنى البرلمان فيها خلال الخمسة أيام التي بقيت فيها المدينة تحت سيطرتهم. كان نهب المدينة العامل الأساسي الذي يقف وراء حريق واشنطن الذي قامت به القوات البريطانية عام 1814. استبدل اسم يورك بتورونتو في 6 مارس عام 1830، وبذلك تكون عادت إلى اسمها الأصلي.
كان عدد سكان تورونتو في ذلك الحين 9 آلاف فقط، بما فيهم العبيد الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية الفارّين وكذلك العبيد الذين أُحضروا مع المستعمرين البريطانيين. ألغيت العبودية بشكل صارم في كندا العليا عام 1834. أصبح السياسي الإصلاحي ويليام ماكنزي عمدة تورونتو الأول، وقاد ثورة ضد الإمبراطورية البريطانية إلا أنها باءت بالفشل. نمت المدينة بشكل سريع فيما تبقى من القرن التاسع عشر وكانت الوجهة الرئيسية للمهاجرين إلى كندا. كان أول تدفق سكاني كبير عندما قدمت أعداد كبيرة من الإيرلنديين بعد وقوع مجاعة أيرلندا الكبرى وكان معظمهم من بالكاثوليك. بحلول عام 1851، كان معظم المولودين في تورونتو من أصول إيرلندية كاثوليكية، إلى جانب مجموعة لا بأس بها من الإيرلنديين البروتستانت وكذلك الإنجليز والاسكتلنديين.
كانت تورونتو عاصمة لمقاطعة كندا مرتين لفترتين وجيزتين. المرة الأولى من عام 1849 إلى 1852 في أعقاب الإضطرابات التي وقعت في مونتريال، والمرة الثانية من عام 1856 إلى 1858.[20] ثم استبدلت بمدينة كيبك التي ظلت عاصمة البلاد حتى عام 1866، أي قبل عام واحد من اتحاد كندا. وظلت أوتوا منذ ذلك الحين عاصمة البلاد حتى الوقت الحاضر. أصبحت تورونتو عاصمة مقاطعة أونتاريو بعد اتحاد البلاد عام 1867 بعد أن كانت عاصمة لكندا العليا.
في القرن التاسع عشر، تم بناء نظام صرف صحي شامل في المدينة، وانتشرت إضاءة الشوارع بمصابيح غاز، وشيّدت خطوط سكك حديدية لمسافات طويلة، بما فيها الخط الذي تمّ إنشاؤه 1854 ليربط تورونتو مع البحيرات الكبرى العليا. كما وبنيت أول محطة قطارات في تلك الفترة. أدّى ظهور السكك الحديدية إلى زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين القادمين إلى تورونتو، وكذلك تطوير التجارة والصناعة فيها. كما أدخلت السفن البخارية والمراكب الشراعية إلى الميناء الواقع في بحيرة أونتاريو مما مكن تورونتو من أن تصبح بوابو رئيسية تربط العالم بالمناطق الداخلية في قارة أمريكا الشمالية.
أصبحت تورونتو بعد ذلك مركزاً لصناعة الكحول (خصوصاً المشروبات الروحية) في أمريكا الشمالية، حيث احتضنت تورونتو كبر شركة لصناعة الويسكي في العالم خلال ستينيّات القرن التاسع عشر. سمح ميناء تورونتو باستيراد الحبوب والسكر، كما أدّى توسع الميناء وتطور السكك الحديدية إلى جلب الأخشاب من المناطق الشمالية وتصديرها.
دمّر حريق تورونتو العظيم عام 1904 قسماً كبيراً من مركز المدينة، لكن أعيد بناء المدينة سريعاً. سبب الحريق أضراراً كلفت أكثر من 10 ملايين دولار. نتيجة لهذا الحريق، أصبحت قوانين السلامة من الحرائق أكثر صرامة، وتم تطوير وتوسيع دائرة الإطفاء في المدينة.
استقبلت المدينة مجموعات مهاجرة جديدة في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، خصوصاً الألمان، والفرنسيين، والإيطاليين، واليهود من مختلف أنحاء أوروبا الشرقية. تبعهم بعد ذلك الصينيون، والروس، والبولنديون، بالإضافة إلى مهاجرين قدموا من العديد من دول أوروبا الشرقية الأخرى. عاش العديد من هؤلاء المهاجرين في أحياء فقيرة مكتظة بالسكان. على الرغم من حقيقة أن المدينة قد نمت بشكل سريع بحلول عشرينيّات القرن الماضي، إلا أن تورونتو ظلت تحتل المركز الثاني من حيث الأهمية الاجتماعية والاقتصادية خلف مونتريال. لكن بحلول عام 1934، أصبحت بورصة تورونتو الأكبر في البلاد.
بعد عام 1945
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تضافر على تورونتو اللاجئون من الدول الأوروبية التي مزقتها الحرب، مثل عمال البناء الذين قدموا غالباً من إيطاليا أو البرتغال، بالإضافة إلى الصينيين الباحثين عن فرص عمل. وبعد إلغاء بعض القوانين العنصرية المتعلقة بالهجرة في الستينيات، بدأ المهاجرون بالقدوم من جميع أنحاء العالم. بلغ تعداد السكان في تورونتو عام 1951 أكثر من مليون نسمة، وتضاعف إلى مليوني نسمة بحلول عام 1971. تجاوزت تورونتو مونتريال لتصبح أكبر مدن كندا من حيث عدد السكان ومركز البلاد الاقتصادي في الثمانينيات. خلال هذا الوقت، كان هناك نوع من عدم الاستقرار السياسي في مقاطعة كيبك، فانتقلت مقرات العديد من الشركات الوطنية والدولية من مونتريال إلى تورونتو ومدن غرب كندا.
في عام 1954، اتحدت مدينة تورونتو و12 من البلديات المحيطة بها حتى تكون منطقة تورونتو الحضرية. ازدهرت المدينة بعد الحرب بشكل سريع مما أدى إلى تطوير ضواحي المدينة. وبدأت المنطقة بتقديم العديد من الخدمات بما في ذلك الطرق السريعة وخدمات الشرطة والماء والنقل العام. لكن في نفس هذا العام، وبعد نصف قرن من وقوع الحريق الكبير، حلّت بالمدينة كارثة أخرى. تعرضت تورونتو إلى فيضانات ورياح شديدة مما أودى بحياة 81 شخص، وشرّد حوالي 1900 عائلة، وسبب للمدينة أضراراً كلفتها 25 مليون دولار.
في عام 1967، تم دمج البلديات السبع الصغرى في منطقة تورونتو الحضرية مع بلديات المنطقة الكبرى مما أدى إلى تكوين ست بلديات في المنطقة. في عام 1998، قامت الحكومة المحلية بحل حكومة المدينة ودمجت البلديات الستة مكونة بلدية واحدة وهي تورونتو، وبقيت المدينة على شكلها هذا حتى الآن. ميل لاستمان هو أول عمدة لتورونتو، تلاه ديفيد ميلر، ثم تلاه العمدة الحالي روب فورد.
احتفلت المدينة بذكرى إنشائها ال175 في 6 مارس عام 2009; حيث أنشئت في 6 مارس عام 1834. استضافت تورونتو قمة مجموعة العشرين في شهر يونيو من عام 2010، التي نُظمت بسببها أكبر عملية أمنية في تاريخ كندا لمواجهة الاحتجاجات التي اجتاحت المدينة. تعرضت المدينة في 8 يوليو 2013 إلى فيضانات شديدة وقُدّر عدد من قُطعت عنهم الكهرباء بعد العاصفة ب450,000. ذكر مطار تورونتو الدولي أن 126 ملم من الأمطار سقطت خلال 5 ساعات فقط، وهذا الرقم أكبر من ما حصل في كارثة فيضانات عام 1954.
المصدر ويكيبيديا