أظهرت الحفريات في جميع أنحاء إيطاليا أن الإنسان الحديث استوطن هذه المنطقة في فترة العصر الحجري القديم، أي منذ حوالي 200,000 سنة مضت. في القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد تأسست المستعمرات اليونانية على طول ساحل صقلية وعرف الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة الإيطالية باسم “ماغنا غراسيا” (باليونانية: Μεγάλη Ἑλλάς) أو اليونان الكبرى.
كانت روما القديمة في البداية مجتمعًا زراعيًا صغيرًا حوالي القرن الثامن قبل الميلاد، لكنها نمت على مر القرون لتصبح إمبراطورية هائلة تسيطر على كامل حوض البحر الأبيض المتوسط وبالتالي دمجت الحضارتين الإغريقية والرومانية في حضارة واحدة. كانت هذه الحضارة بالغة التأثير بالحضارات اللاحقة، حيث لا تزال بعض قوانينها وتنظيماتها الإدارية وفلسفتها وفنونها واضحة المعالم في نظيرتها المعاصرة الغربية بشكل خاص، وبالتالي فهي تشكل الأرضية التي تقوم عليها الحضارة الغربية.
خلال وجودها الذي دام 12 قرنًا، تحولت روما من مملكة إلى جمهورية وأخيرًا إلى دولة استبدادية، قبل أن تدخل في تراجع مطرد منذ القرن الثاني الميلادي، ثم تنقسم إلى شطرين عام 285م: الإمبراطورية الرومانية الغربية والإمبراطورية البيزنطية في الشرق. انهار الجزء الغربي تحت ضغط غارات القوط في نهاية المطاف، وترك شبه الجزيرة الإيطالية مقسمًا إلى ممالك صغيرة مستقلة ودول مدن متناحرة خلال القرون الأربعة عشر القادمة، فكان من نتيجة ذلك أن أصبح الشطر الشرقي الوريث الوحيد للتركة الرومانية.
سمحت البنية السياسية الفريدة من نوعها في إيطاليا في أواخر العصور الوسطى والمناخ الاجتماعي الحيوي والتجارة المزدهرة بنمو ثقافي فريد. لم تستعد إيطاليا أبدًا وحدة ترابها كما كانت أيام الإمبراطورية الرومانية وظلت مقسمة طوال العصور الوسطى إلى دويلات مدن صغيرة حيث سيطرت مملكة نابولي على الجنوب، وجمهورية فلورنسا والولايات البابوية على وسط إيطاليا، وكان لكل من جنوة وميلانو الشمال والغرب، بينما كان الشرق من نصيب البندقية.
كانت إيطاليا في القرن الخامس عشر إحدى أكثر المناطق تحضرًا في أوروبا. يتفق معظم المؤرخون على أن الأفكار التي اتسم بها عصر النهضة والمدافعون الأوائل عنها وأنصارها تعود أصولهم إلى أواخر القرن الثالث عشر في فلورنسا أو ما حولها فضلًا عن غيرها من دول المدن المتنافسة. ظهرت خلاصة النهضة في كتابات دانتي أليغييري (1265-1321) وفرانشيسكو بترارك (1304-1374) وبوكاتشيو فضلًا عن لوحات الرسامين الكبار وبداية مع جيوتو دي بوندوني (1267-1337). كان عصر النهضة فترة مهمة للغاية في التاريخ الإيطالي وفي التاريخ الأوروبي، حيث ظهرت خلاله العديد من الإصلاحات السياسية والفلسفية والأدبية والثقافية والاجتماعية والدينية.
تمثال داوود من صنع ميكيلانجيلو، رمز لعصر النهضة الإيطالية (أكاديمية الفنون الجميلة في فلورنسا).
سمي عصر النهضة بهذا الاسم لأنه كان “نهضة” من الأفكار التقليدية الكثيرة التي كانت قد دفنت منذ أمد بعيد في الفصول القديمة. يمكن للمرء أن يجادل بأن وقود هذه الولادة الجديدة كان إعادة اكتشاف النصوص القديمة التي كانت الحضارة الغربية قد “أضاعتها” تقريبًا، ولكن تم الحفاظ عليها في بعض المكتبات الرهبانية أو المكتبات الخاصة بالعائلات الحاكمة. بينما يجادل البعض الآخر بأن ترجمة النصوص اليونانية والعربية من العالم الإسلامي إلى اللاتينية في إيطاليا، هي ما ساهم في النهضة الإيطالية والأوروبية. أيًا كان السبب فإن معظم هذه المخطوطات كان إما في شبه الجزيرة الإيطالية أو في اليونان ونقلت إلى إيطاليا في القرون التي سبقت عصر النهضة من قبل الإيطاليين أنفسهم (من قبل التجار الذين سافروا بشكل منتظم إلى شرق البحر الأبيض المتوسط بما في ذلك اليونان) والروم البيزنطيين الذين فروا إلى إيطاليا هربًا من الزحف العثماني في القرن الخامس عشر وخاصة بعد سنة 1453 وسقوط القسطنطينية. هاجر هؤلاء البيزنطيون حاملين في بعض الأحيان مخطوطات ثمينة ومعارفهم (اليونانية واليونانية القديمة) وساهموا بشكل حاسم في النهضة الإيطالية أثناء تثبيت وجودهم في البلاد.
جاب باحثوا عصر النهضة مثل نيكولو دي نيكولي وبوجيو براشيوليني المكتبات بحثًا عن أعمال المؤلفين الكلاسيكيين مثل أفلاطون وشيشرون وفيتروفيوس، فانتشرت الأعمال القديمة اليونانية والهلنستية لكتاب مثل أفلاطون وأرسطو وإقليدس وبطليموس والعلماء المسلمين في العالم المسيحي ووفرت مواد فكرية جديدة للباحثين الأوروبيين.
خلف الموت الأسود في عام 1348 بصماته في إيطاليا حيث قضى على ثلث السكان. رغم ذلك فإن التعافي من تلك الكارثة أدى إلى تنشيط المدن والتجارة والاقتصاد مما حفز إلى حد كبير المرحلة التالية من الإنسانية والنهضة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر عندما عادت إيطاليا مرة أخرى لتكون مركز الحضارة الغربية التي أثرت بقوة على الدول الأوروبية الأخرى بوجود بلاط إستي الملكي في فيرارا ودي ميديشي في فلورنسا.
أصبحت فلورنسا مركز عصر النهضة الإيطالية الرئيسي، حيث عمل العديد من الفنانين مثل ميكيلانجيلو وليوناردو دا فينشي وساندرو بوتيتشيلي في المدينة، كذلك ازدهر اقتصاد المدينة، ووفقًا للموسوعة البريطانية كانت فلورنسا بين القرنين الرابع عشر والسادس عشر واحدة من أعظم مدن أوروبا ووصفت المتاحف والكنائس والقصور العديدة مثل قصري بيتي وأوفيزي بأنها أعمال فنية بحد ذاتها.
تأثرت روما أيضًا بشكل خاص بعصر النهضة. حيث غيرت هذه الفترة الإصلاحية من وجه المدينة بشكل كبير مع أعمال مثل بييتا لميكيلانجيلو وجدارية شقة بورجيا. وصلت روما ذروة روعتها تحت حكم البابا يوليوس الثاني (1503-1513) وخلفائه لاون العاشر وكليمنس السابع وكلاهما من عائلة ميديشي. خلال العشرين عامًا هذه، استحالت روما إحدى أكبر المراكز الفنية في العالم. أعيد بناء كاتدرائية القديس بطرس القديمة التي بناها الإمبراطور قسطنطين العظيم بشكل رئيسي من قبل ميكيلانجيلو، الذي أصبح أحد أكثر الرسامين شهرة في إيطاليا من خلال اللوحات الجدارية في الكنيسة النيكولينية وفيلا فارنيسينا وغرف رافائيل بالإضافة إلى العديد من اللوحات الشهيرة الأخرى. بدأ ميكيلانجيلو زخرفة سقف كنيسة سيستينا ونحت تمثال موسى الشهير لضريح يوليوس. خسرت روما في إطار هذه الحملة ولو جزئيًا طابعها الديني لتصبح على نحو متزايد مدينة النهضة الحقيقية بظهور عدد كبير من الأعياد الشعبية وسباقات الخيول والأحزاب والمكائد وحلقات الفجور. ازدهر اقتصادها بوجود العديد من المصرفيين التوسكان بما في ذلك أغوستينو شيجي الذي كان صديقًا لرافائيل وراعيًا للفنون. قبل وفاته المبكرة عزز رافائيل لأول مرة فكرة المحافظة على الآثار القديمة.